سقوط الإمبراطورية العثمانية وتوغل الاستعمار بالمشرق العربي
تمهيد إشكالي:
مع بداية القرن
العشرين اشتد التنافس الاستعماري على الإمبراطورية العثمانية، الشيء الذي عجل
بسقوطها وانهيارها، وبالتالي التمهيد للتغلغل الاستعماري بالمشرق العربي.
ü
ما عوامل سقوط الإمبراطورية العثمانية؟
ü
ما هي ظروف فرض الانتداب الأجنبي على المشرق العربي وبعض
نتائجه؟
I-عوامل سقوط الإمبراطورية العثمانية
1- دور الظروف الخارجية في سقوط الإمبراطورية العثمانية:
ساعدت مجموعة من العوامل الخارجية في انهيار
الإمبراطورية العثمانية أهمها:
-
اشتداد الأطماع الأوربية وحدوث المساومات بي الدول
المتنافسة (الإنجليزية، الفرنسية والروسية والألمانية...) حول تقاسم ممتلكات
الإمبراطورية العثمانية (المسألة الشرقية).
-
اندلاع الثورات في العديد من الدول الخاضعة للنفوذ
العثماني، كاليونان (1829) ورومانيا وصربيا وألبانيا وبلغاريا (1912)، ودعم هذه
الثورات من طرف الانجليز والفرنسيين.
-
التغلغل الديني والثقافي بإرسال بعثات تبشيرية وإحداث
مدارس ومستشفيات.
-
توقيع معاهدات تجارية غير متكافئة، وإثقال كاهل
الإمبراطورية بالديون.
-
التدخل الأوربي في شؤون الباب العالي (الإمبراطورية
العثمانية) وتشجيع الحمايات القنصلية.
-
هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى وفرض معاهدة
مودروس القاسية عليها سنة 1918 ومعاهدة سيفر في 10 غشت 1920، حيث نصت على وقف
الحرب بين العثمانيين والحلفاء، وارغام العثمانيين على الاستسلام، والحد من تحركات
الجيش العثماني، وإعادة السفن العثمانية إلى الموانئ بالإضافة إلى الانسحاب من
القوقاز، والسماح للسفن الأجنبية بحرية الملاحة في مضيقي البوسفور والدردنيل...
2- دور الظروف الداخلية في سقوط الإمبراطورية العثمانية:
ý الوضعية السياسية: تميزت بـ:
-
فشل الإصلاحات التي تمت خلال القرن 19م.
-
ظهور معارضة قوية قادتها جمعية الإتحاد والترقي، وتزايد
الاضطرابات الداخلية وحركات الانفصال.
-
ضعف دور السلاطين.
-
تفشي الفساد الإداري (الرشوة، المحسوبية).
-
نهج سياسة التتريك التي أدت إلى خلق تباعد بين الأتراك
وجميع الشعوب من بينهم العرب، ولجوء حكام تركيا الجدد الذين وصلوا إلى السلطة بعد
القضاء على السلطان عبد الحميد الثاني إلى سياسة القمع.
ý الوضعية الاقتصادية: تميزت بـ:
-
ارتفاع ديون الإمبراطورية العثمانية.
-
وضع مالية الإمبراطورية تحت الرقابة الأوربية.
-
عجز الإمبراطورية عن استخلاص الضرائب من المناطق التي
اشتعلت فيها الثورات.
ý الوضعية العسكرية: تميزت بـ:
-
ضعف الجيش العثماني وتعدد جبهات القتال.
II. ظروف رفض الانتداب الفرنسي والإنجليزي على المشرق العربي وبعض نتائجه:
1- ظروف فرض الانتداب الفرنسي والإنجليزي على المشرق العربي:
أ- دور معاهدة سايكس-بيكو:
وقعت هذه المعاهدة
السرية في ماي
1916 بين روسيا وفرنسا إنجلترا، لكن روسيا انسحبت منها سنة 1917 بعد نجاح ثورة
البلاشفة الذين فضحوا مضامينها. ونصت هذه المعاهدة على:
تقسيم ممتلكات الإمبراطوريةالعثمانية بين الدول الثلاث على الشكل التالي:
- حصلت
فرنسا على أجزاء واسعة من سوريا إلى الموصل في العراق، وحصة كبيرة من جنوب
الأناضول.
- أما
إنجلترا فحصلت على شريط يمتد من أقصى جنوب سوريا عبر العراق ليشمل بغداد والبصرة.
- روسيا
خصصت لنفسا القسطنطينية وبضع أميال في جانبي البوسفور وجزء كبير من شرق الأناضول.
- جعل
منطقة فلسطين منطقة تحت الحكم الدولي.
وبالتالي تكون بريطانيا قد نكتت
وعودها للشريف حسين بإقامة دولة عربية في المناطق المحررة من العثمانيين.
ب- دور عصبة الأمم:
يتمثل في شرعة
الاستعمار ودعمه وتأييده ومباركته، حيث تم التنصيص عليه في المادة 22 من ميثاق
عصبة الأمم.
لتنفيذ هذه الفكرة عقد في أبريل سنة 1920 مؤتمر سان ريمو
بإشراف من عصبة الأمم، لوضع الترتيبات النهائية لتقاسم واحتلال المشرق العربي،
وفرض نظام الانتداب عليه. وأسفر هذا المؤتمر عن منح فرنسا سوريا الكبرى، بينما
حصلت إنجلترا على العراق، والأردن، وفلسطين.
2- نتائج فرض الانتداب على سوريا والعراق، وردود فعل سكان المنطقة:
أ- بالنسبة لسوريا:
· خلف الانتداب الفرنسي على سوريا تقسيم هذا البلد إلى أربعة مناطق منفصلة
وهي:
-
لبنان الكبير الذي يضمل
جبل لبنان وبيروت وطرابلس وصور وصيدا والأراضي الممتدة إلى الحدود الفلسطينية.
-
دولة دمشق التي تضم
أيضا جبل الدروز.
-
دولة حلب التي تضم
إقليم الاسكندرونة.
-
إدارة جبل العلويين
وتشمل اللاذقية.
· كما أدى الاستعمار الفرنسي إلى دمار وخراب كبير للمدن السورية وتجهيزاتها،
بفعل القصف العنيف الذي لجأت إليه لبسط سيطرتها على سوريا.
وكان رد فعل السوريين هو رفض الاحتلال الفرنسي
ومواجهته بقوة السلاح، حيث اصطدمت المقاومة السورية بالجيش الفرنسي في معركة ميسلون 24 يوليو 1920م) بين
جيش الثورة
العربية الكبرى في سوريا، بقيادة الأمير فيصل و يوسف العظمة، و الجيش الفرنسي،
بقيادة هنري گورو ). عدم
التكافؤ أدى إلى انتصار الفرنسيين وفتح الباب لفرض الانتداب الفرنسي على سورية.
واجتمع
المؤتمر السوري في 8 مارس 1920م، واتخذ عدة قرارات تاريخية تنص على إعلان استقلال
سوريا بحدودها الطبيعية استقلالا تاما بما فيها فلسطين، ورفض ادعاء
الصهيونية في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، وإنشاء حكومة مسئولة أمام
المؤتمر، وتنصيب الأمير فيصل ملكًا على البلاد.
أ- بالنسبة للعراق:
بعد بسط النفوذ البريطاني على مجمل الأراضي
العراقية، قررت بريطانيا تأسيس بعض الإدارات والمؤسسات
المدنية لتسهيل هيمنتها على العراق. وانشأت محل
المؤسسات العثمانية مؤسسات عسكرية خصصت لإدارة الشؤون المدنية، واحتكر الانجليز
أهم الوظائف في العراق، وجلبوا عدد كبير من الموظفين (الكتبة والإداريين وأرباب
الأعمال الصغيرة من الهنود وعدد مهم من الجنود...) بغية الحاق العراق وضمه إلى التاج البريطاني.
واجه العراقيون بضراوة الاحتلال البريطاني
وسياسات التهنيد والإجراءات الأخرى للإدارة البريطانية من خلال أعمال تمرد وعصيان
مسلح وأخرى أعمال سياسية منظمة قادتها الجمعيات والمنتديات السرية. وأعلن
العراقيون الثورة في سنة 1920، التي طالبت بضرورة استقلال العراق في مملكة ذات
سيادة حيث تعالت الأصوات للمناداة بالأمير فيصل الأول ملكا على العراق. وتكب
الانجليز خسائر فادحة أرغمتهم على تغيير سياستها وخططها العسكرية في العراق، وتسرع
عملية نقل الصلاحيات إلى العراقيين.
خاتمة:
انهارت الإمبراطورية العثمانية لأسباب
داخلية وخارجية وفرض عَلَيْهَا، بعد الحرب العالمية الأُوْلَى، معاهدات قاسية خلقت
وضعية سياسية جديدة لمنطقة المشرق العربي وفرضت الانتداب الفرنسي والإنجليزي
عليه...