دول جنوب شرق آسيا: قطب اقتصادي في تطور متصاعد
تمهيد إشكالي:
آسيان
ASEAN:
هي رابطة دول جنوب شرق آسيا، وهي عبارة عن جمعية وتكتل جهوي يضم 10 دول، تأسس هذا
التكتل في عام 1967 في خضم الصراع الدائر بين المعسكر الشرقي والمعسكر الغربي إبان
الحرب الباردة. تتميز هذه المجموعة بمجموعة من الخصائص الاقتصادية، إلا أنها تعاني
من مجموعة من المشاكل.
-
أين تقع رابطة آسيان وما أهدافها ومراحل
تكوينها؟
-
ما مظاهر النمو لدول جنوب شرق آسيا؟ وما هي
العوامل المفسرة لها؟
-
ما حصيلة النمو الاقتصادي لآسيان؟
I. تعرف رابطة بلدان جنوب شرق آسيا " آسيان" ومراحل تأسيسها وأهدافها ومبادئها والمؤسسات المسيرة لها:
1- تعرف رابطة آسيان ومراحل تأسيسها:
رابطة دول جنوب شرق آسيا
هي منظمة للتعاون الجهوي، تأسست سنة 1967م للتعاون بين بلدان المنطقة في الميادين
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتقنية والتربوية. تضم الرابطة 10 دول أعضاء
وهي أندونيسيا، التايلاند، الفلبين، سنغافورة، ماليزيا، فيتنام، ميانمار، كمبوديا،
اللاووس
وبروناي.
مر تكوين الرابطة من عدة مراحل
أساسية وهي:
ý
مرحلة التأسيس:
أعلن
بموجب إعلان بانكوك في 8 غشت 1967 عن تأسيس رابطة بلدان جنوب شرق آسيا من طرف خمس دول وهي أندونیسیا، مالیزیا، الفلبیں، سانغفورة والتايلاند
.. واتفق خلال هذه الفترة على وضع الأسس المادية وقواعد عمل الرابطة. كما تم الإعلان
في تصريح كولالامبور على إعلان منطقة جنوب شرق آسيا منطقة سلام وحياد، وتم وضع
برنامج العمل المشترك في إطار الرابطة بموجب تصريح بالي في 24 فبراير 1976.
ý مرحلة الانضمام:
تمزت هذه المرحلة بانضمام
عدة دول من جنوب شرق آسيا إلى الرابطة، نذكر منها انضمام بروناي في 8 يناير 1984،
والفيتنام التي انضمت في 28 يوليوز 1995، وفي 23 يوليوز 1997 انضمت اللاووس و
ميانمار، وأخيرا انضمت الكامبودج في 30 أبريل 1999.
2-
مبادة وأهداف رابطة آسيان:
سطرت دول رابطة آسيان سلسلة من المبادئ الأساسية أهمها:
ü الاحترام المتبادل للاستقلال والسيادة
الترابية والهوية الوطنية لكل دولة.
ü رفض التدخل الخارجي لتغيير نظام الحكم
أو ممارسة الضغط عليه بدول الرابطة.
ü عدم التدخل في الشؤون الداخلية لبلدان
الرابطة.
ü حل الخلاف والأزمات بالطرق السلمية.
ü التخلي عن التهديد استعمال القوة.
ü التعاون الفعال والناجع بين بلدان
الرابطة.
وتهدف هذه المجموعة الى تحقيق الأهداف التالية:
-
تسريع وتيرة النمو الاقتصادي والرقي الاجتماعي، والتنمية الثقافية.
-
تشجيع التعاون والتبادل القائم على المصلحة المشتركة في الميادين
الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتقنية والعلمية والإرادية.
-
التعاون الفعال من أجل الاستغلال الأوسع لفلاحة وصناعة المنطقة،
وتكثيف الرواج التجاري بها.
-
إحلال السلام والاستقرار بين بلدان المنطقة في إطار القانون الدولي
وميثاق الأمم المتحدة.
3-
المؤسسات المسيرة لرابطة آسيان ووظائفها:
تستعين رابطة دول جنوب شرق آسيا بمجموعة من
الأجهزة والمؤسسات نذكر منها:
-
القمة السنوية لرؤساء دول وحكومات رابطة آسيان،
وظيفتها اتخاذ القرارات الكبرى التي تهم الرابطة (أي وظيفة تشريعية.
-
الاجتماعات
الوزارية الدورية ولقاءات الموظفين السامين المختصين: تقوم بوظيفة تنسيق السياسات
المشتركة للبلدان الأعضاء.
-
اللجان
ومجموعات المختلفة: مهمتها تفعيل قرارات القمة.
-
سكرتارية
الرابطة تتكفل بالإعلام وتقدم المشورة والتنسيق وتفعل مختلف أنشطة الرابطة.
II. وصف وتفسير مظاهر النمو
الاقتصادي المتفاوت لرابطة دول جنوب شرق آسیا:
1-
وصف مظاهر النمو الاقتصادي لرابطة آسيان:
تتجلى مظاهر النمو الاقتصادي بدول آسيان في:
-
تسجيل نسب نمو اقتصادي مرتفعة بالعديد من دول آسيان كالفليبين 6,8% سنة 2013 و 5,3% باندونيسيا و 4,7%
بماليزيا و 3,1%
بالتايلاند.
-
تطور الاستثمارات الأجنبية المباشرة بدول آسيان، حيث سجلت زيادة قدرها
48%.
-
ارتفاع إجمالي صادرات رابطة آسيان بنسبة 13,5%.
-
ارتفاع حجم المبادلات البينية بين دول آسيان حیث تجاوزت 50%.
-
ارتفاع مساهمة الصناعة والخدمات في الناتج الداخلي الخام كدليل على
ازدهارها الاقتصادي.
لكن تبقى التباينات واضحة بين الدول الخمس القوية في الرابطة (أندونيسيا،
ماليزيا، سانغفورة، الفليبين والتايلاند) وباقي دول الرابطة.
2- العوامل المفسرة للنمو الاقتصادي لرابطة دول جنوب شرق آسيا:
يفسر النمو الاقتصادي
لرابطة آسيان بمجموعة من العوامل منها:
ý دور العوامل البشرية: ضخامة عدد السكان الذي يقدر بحوالي 559 مليون نسمة سنة 2006، الشيء
الذي يوفر يد عاملة كثيرة العدد ورخيصة ومتخصصة، وسوف استهلاكية واسعة، مع هيمنة
الساكنة النشيطة التي تمثل %65. وأهمية فئة الصغار التي تبلغ 30%.
ý دور العوامل الطبيعية: تتمثل أساسا في الظروف المناخية الملائمة لممارسة النشاط الزراعي،
رغم ضيق المساحات الزراعية، وثروات باطنية مهمة مع أهمية الثروة السمكية.
ý دون العوامل التنظيمية: تعتمد دول آسيان
على نظرية الإوز الطائر التي وضعها الاقتصادي الياباني أكاماتسو كنامي، والتي توزع
مراحل النمو الاقتصادي إلى ثلاثة وهي:
-
المرحلة
الأولى: يتم فيها التركيز على استيراد السلع من الدول المتقدمة.
-
المرحلة
الثانية: تعمل البلدان النامية على إنتاج السلع المحلية.
-
المرحلة
الثالثة: تقوم الدولة النامية بتصدير السلع نحو الخارج.
دون أن ننسى أهمية
الاستثمارات الخارجية في تطوير المستوى الاقتصادي لآسيان والنهوض باقتصادها.
III. حصيلة التنمية البشرية
لرابطة آسيان والتحديات التي تعترضها:
1-
حصيلة التنمية البشرية لآسيان:
حققت آسيان على المستوى
الاقتصادي زيادة مهمة في المؤشرات الاقتصادية كالارتفاع المهم في نسبة النمو الاقتصادي
بدول الرابطة (أعلى المعدلات على الصعيد العالمي)، وتحقيق زيادة مهمة في مؤشر التنمية
البشرية بالدول المؤسسة، حيث يتراوح ما بين التنمية المرتفعة والتنمية المتوسطة
بالدول المؤسسة (أندونيسيا، ماليزيا، سانغفورة، الفلبين والتايلاند). بالإضافة إلى
بروناي. لكن باقي جدول الرابطة مازالت تسجل مؤشر تنمية بشرية منخفض، في المقابل تسجل
ارتفاعا في نسب الفقر والبطالة.
2-
بعض التحديات التي تواجه رابطة آسيان وآفاقها
المستقبلية:
تواجه دول آسیان مجموعة من الإكراهات أهمها:
ý التحديات الاقتصادية:
- تمثلت في مشكل المنافسة
الخارجية التي تطرحها الدول القوية اقتصاديا كالصين واليابان والهند والاتحاد الأوروبي
والولايات المتحدة الأمريكية.
- مشكل التباينات الإقليمية بين دول المجموعة، حيث توجد دول قوية
اقتصاديا کأندونیسیا وسنغافورة... وأخرى ضعيفة اقتصادیا ككمبوديا وميانمار وفيتنام
واللاووس.
- تباين الناتج الوطني الإجمالي لدى
دول آسيان.
- انعكاسات الأزمات المالية والصحية الدولية
كأزمة 2008 المالية وأزمة كوفيد 19.
هذه التفاوتات الاقتصادية تجعل خطط أسيان متباينة فعلى سبيل المثال
ماليزيا تريد حماية أسواقها الداخلية. بينما تايلاندا تريد المزيد من الانفتاح.
ý المشاكل الاجتماعية:
-
تتجلى
في انتشار الفقر في العديد من الدول ككمبوديا واللاووس والفيتنام و میانمار.
-
ارتفاع
معدلات البطالة لدى هذه البلدان.
-
مشكل
هجرة الأدمعة التي تعاني منها دول المجموعة.
ý المشاكل الطبيعة والبيئية
تتعرض دول آسيان بشكل دوري لأمواج التسونامي الناتجة عن الزلازل
والبراكين في عمق
المحيط الهادي، وما يصاحب ذلك من کوارث وفيضانات، بالإضافة إلى التلوث
بمختلف أشكاله.
·
الآفاق المستقبلية لرابطة دول جنوب شرق آسیا:
من بين الأهداف التي سطرتها
آسيان على غرار باقي التكتلات الاقتصادية الأخرى نذكر: تحقيق التكامل والتكتل في
مختلف المجالات، فعملت على المصادقة على اتفاقية التبادل الحر مبدئيا من خلال
إزالة الحواجز الجمركية تدريجيا منذ 1992. إلا أن هذا الاتفاق لم يصل إلى المستوى
المطلوب، نظرا لكونه اتفاق غير ملزم لجميع الدول الأعضاء. الشيء الذي صعب من توحيد
التوجهات والسياسات الاقتصادية والاجتماعية لرابطة آسيان. لهذا حدد رؤساء دول آسيان في أفق 2020 هدف لتحويل
الرابطة إلى تكتل واتحاد جهوي قائم على الوحدة الأمنية والوحدة الاقتصادية والوحدة
السوسيوثقافية.
خاتمة
تبقى دول رابطة آسيان تكتلا جهويا ناشئا مازال يحاول فرض وجوده ضمن
التكتلات الجهوية العالمية.