القضية الفلسطينية: جذور القضية وأشكال التمركز الصهيوني
تمهيد إشكالي:
ساهم وعد بلفور سنة 1917 لليهود بإقامة وطن قومي لهم
بفلسطين، والانتداب البريطاني على فلسطين سنة 1922، في ظهور القضية الفلسطينية،
حيث عبر الفلسطينيون عن رفضهم لمطالب الحركة الصهيونية العالمية والانتداب البريطاني،
وذلك بتبني المقاومة المسلحة طيلة فترة ما بين الحربين.
-
ما جذور القضية الفلسطينية؟
-
ما هي أشكال التمركز الصهيوني بفلسطين فيما بين
الحربين؟
-
وما ردود فعل الفلسطينيين على ذلك؟
I- جذور القضية الفلسطينية وأشكال التمركز الصهيوني بفلسطين فيما بين الحربين:
1- بداية التسرب الصهيوني إلى فلسطين إلى غاية 1917م:
ü بدأ التمركز الصهيوني في فلسطين
في أواخر القرن 19م، عندما أقدمت الحركة الصهيونية العالمية على تنظيم أول مؤتمر
لها في مدينة بال السويسرية في الفترة ما بين 29 و 31 غشت 1897، بحضور أعداد كبيرة
من الزعماء اليهود ( تيودور هرتزل وليون بينسكر...)، ونص المؤتمر على إنشاء وطن
قومي لليهود في فلسطين، وذلك بالاستعانة
بالوسائل التالية:
- تعزيز الاستيطان اليهودي
بفلسطين بفقراء اليهود ( المزارعين، الحرفيين والمهنيين).
- تنظيم اليهود كافة في
مؤسسات محلية، حسب قانون كل دولة.
- تنمية الشعور والضمير
القومي لدى اليهود.
- سعي الحركة الصهيونية
العالمية للحصول على موافقة الحكومات لتسهيل الهجرة اليهودية إلى فلسطين.
ü دعم الدوائر الاستعمارية الأوربية للاستيطان اليهودي بفلسطين، حيث وجدت هذه الدوائر أن
توطين اليهود بفلسطين يقدم لها منافع كثيرة، لذلك دعمت الدول الأوربية مشاريع
استيطان اليهود في فلسطين.
ü دور وعد بلفور حيث قدم الوزير الأول البريطاني بلفور وعدا للحركة
الصهيونية العالمية بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، في إطار ما عرف تاريخيا
بوعد بلفور الصادر في 2 نونبر 1917، لهذا ستعمل بريطانيا على تنفيذ هذا الوعد.
ü تركيز الحركة الصهيونية
العالمية على شراء الأراضي لصالح
اليهود القادمين من مختلف دول العالم، واعتبرت فلسطين المحمية البريطانية، نواة
التغلغل الصهيوني في البلاد، حيث قام الأجانب والعرب غير الفلسطينيين ببيع أراضيهم
للمنظمات الصهيونية.
2- تطور القضية الفلسطينية في ظل الانتداب البريطاني إلى غاية 1939م:
· صدور صك الانتداب
البريطاني ودوره في دعم الحركة الصهيونية:
ساعد فرض الانتداب البريطاني على فلسطين في 14 يوليوز 1922 على تسهيل إنشاء
الوطن القومي لليهود في فلسطين، حيث تم التنصيص على ذلك في المادة 22 من صك
الانتداب. وقد نص صك الانتداب أيضا على إنشاء الوكالة اليهودية للإشراف على تنظيم
الهجرة والاستيطان وتسهيلها. كما نص أيضا على منح الجنسية الفلسطينية لليهود
الأجانب، وإشراف الوكالة اليهودية في تسيير شؤون فلسطين، بالإضافة إلى جعل اللغة الإنجليزية
والعربية والعبرية اللغات الرسمية لفلسطين.
· دعم السياسة البريطانية للحركة الصهيونية:
بدأت بريطانيا مباشرة بعد احتلالها لفلسطين التمهيد
لإقامة الوطن القومي اليهودي بفلسطين عبر مجموعة من الإجراءات، منها: إصدار قوانين
جديدة تسهل انتقال الأراضي العربية لليهود وتعديل القوانين القديمة، وتسهيل حركة
الهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين، وإثقال كاهل
الفلاحين
بالضرائب وإرغامهم على الاقتراض من المرابين بفوائد مرتفعة، الشيء الذي يدفعهم إلى
بيع الأراضي لتسديد الديون، ودعم المشاريع الاقتصادية اليهودية في فلسطين، من خلال
منح الامتيازات والإعفاءات الجمركية، والسيطرة على الموارد الطبيعية، وطرد وتهجير
السكان العرب من الأراضي الفلسطينية وتوطين اليهود المهاجرين بها.
3- أشكال التمركز الصهيوني بفلسطين بين سنتي 1939 و1948م:
تطورت القضية الفلسطينية في الفترة ما بين 1939 و1948م، باتخاذ
إجراءات فعلية لإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين منها:
- إنشاء تنظيمات عسكرية إرهابية لحماية المستوطنات اليهودية، حيث كون الصهاينة ثلاث تنظيمات عسكرية سرية لتدعيم الاستيطان بفلسطين وهي: " أرغون هاغانا"، و" زفاي لومي "، وعصابات " شتيرن ".
- الحصول
على الدعم الأمريكي، حيث استغلت الصهيونية ظروف الحرب الباردة لتعرض على
التحالف الإنجليزي الأمريكي مساعدتها على إقامة دولة يهودية بفلسطين تكون
قاعدة متقدمة في الصراع ضد الاتحاد السوفياتي.
- الحصول
على دعم الأمم المتحدة: دعمت الولايات المتحدة الأمريكية المشروع الصهيوني
أمام هيئة الأمم المتحدة التي أصدرت في 29 نونبر 1947م قرارا بتقسيم فلسطين
إلى دولة عربية وأخرى يهودية، ليعلن الصهاينة بعد انسحاب إنجلترا من فلسطين
عن قيام "دولة إسرائيل" في 14 ماي 1948م.
II. ردود الفعل الفلسطينية إزاء التمركز الصهيوني:
1- بعض مظاهر المقاومة السلمية للتمركز الصهيوني بفلسطين:
اتخذت المقاومة السلمية للتمركز الصهيوني بفلسطين مظاهر متعددة:
- أنشطة
التوعية داخل فلسطين: تزعمتها بعض الجمعيات مثل: الجمعية الخيرية
الإسلامية، وجمعية الإخاء والعفاف، وجمعية مقاومة الصهيونية، واعتمدت في
أنشطتها على الخطب في المساجد والكنائس، وإصدار الفتاوى، والصحف والمجلات
والدوريات، والمظاهرات والإضرابات، وارتكزت أنشطتها على توعية الرأي العام
بمخاطر الهجرة اليهودية إلى فلسطين، والدعوة إلى توقيفها، وحماية الأراضي
والممتلكات من خلال إصدار فتاوى تحرم بيع الأراضي، ومقاطعة أداء الضرائب
والبضائع الصهيونية.
- أنشطة التوعية في الخارج: تزعمتها بعض التنظيمات مثل: اللجنة العربية العليا، واللجنة الوطنية للمؤتمر الإسلامي المسيحي، وقد اعتمدت في أنشطتها على إنشاء صناديق عربية لتمويل شراء الأراضي، والتعريف بالقضية الفلسطينية على مستوى عصبة الأمم، وتمثيل المقاومة الفلسطينية على المستوى العربي والإسلامي.
2- بعض نماذج المقاومة المسلحة بفلسطين في مرحلة ما بين الحربين:
نظرا لعدم فعالية المقاومة السلمية، اتجهت المقاومة الفلسطينية نحو
العمل المسلح لمواجهة التمركز الصهيوني، ومن أمثلتها نذكر:
- ثورة البراق: اندلعت عقب صلاة الجمعة يوم 28 غشت 1929م، حيث تجمع الفلسطينيون في المسجد الأقصى لحماية حائط البراق الذي حاول الصهاينة الاستيلاء عليه، وانتشرت الثورة لتعم كافة المدن الفلسطينية، وقد واجهت سلطات الانتداب البريطاني الثورة باستعمال القوة العسكرية.
- وعرفت الفترة ما بين 1930 و1933 باحتقان الأوضاع بفلسطين وتزايد حدة الصراع والتوتر. كما اندلعت ثورات أخرى مثل ثورة عز الدين القسام سنة 1935، والثورة الفلسطينية الكبرى سنة 1936، وتجددت الثورة سنة 1937 واستمرت إلى غاية اندلاع الحرب العالمية الثانية.
خاتمة:
اتجهت القضية
الفلسطينية بعد إعلان قيام دولة إسرائيل إلى مزيد من التوتر والصراع وبالتالي قيام
الصراع العربي الإسرائيلي منذ النكبة الفلسطينية سنة 1948م.