الظاهرة الإمبريالية في أواخر القرن 19م ومطلعالقرن 20م
مقدمة:
شهدت أوربا في أواخر القرن
19م ومطلع القرن 20م ميلاد الظاهرة الامبريالية، حيث سعت هذه البلدان لتقاسم
العالم بالاعتماد على مجموعة من الوسائل والآليات.
- فما المقصود بالإمبريالية؟
- وما خصائصها ووسائلها وآلياتها؟
- وما هي دوافعها ونتائجها؟
–І مفهوم الإمبريالية من خلال
خواصها الأساسية
1- خصائص الإمبريالية المرتبطة ببنية الإنتاج الرأسمالي
تتميز الامبريالية
بمجموعة من الخصائص أهما:
الخاصية الأولى: تحول حرية المنافسة إلى ظاهرة الاحتكار.
الخاصية الثانية: تحول الأبناك من مجرد مؤسسات مالية إلى مؤسسات استثمارية
تحتكر جزء هام من الرأسمال الصناعي، وبالتالي تحول الرأسمالية الصناعية إلى
رأسمالية مالية.
2- خصائص الإمبريالية المرتبطة بطريقة اشتغال الرأسمالية
وهناك خصائص أخرى للإمبريالية مرتبطة
بطريقة اشتغال الرأسمالية منها:
الخاصية الثالثة: تزايد الاستثمارات الخارجية للبلدان الصناعية خارج حدود
دولها إلى المستعمرات، للحصول على مزيد من الأرباح، والاستفادة من وفرة المواد
الأولية واليد العاملة والسوق الاستهلاكية.
الخاصية الرابعة: توسيع نفوذ الدول الأوربية على حساب المستعمرات، وتقاسمها
للامتيازات في العالم، حيث تزايدت نسبة الأراضي المستعمرة بشكل كبير، حيث استعمرت
أستراليا بأكملها، وتم استعمار %90 من مساحة إفريقيا، وأكثر من نصف مساحة آسيا.
3- استخلاص تعريف لظاهرة الإمبريالية
يعرف "هوبسون"
الإمبريالية على أنها نظام سياسي واقتصادي تهيمن فيه المصالح المالية على المصالح
التجارية. أما "لينين" فيعتبرها أعلى مراحل الرأسمالية، وهي الرأسمالية
في مرحلة التطور، تكون فيها سيطرة الاحتكارات والرأسمال المالي، ويهيمن فيها تصدير
الرأسمال المالي.
-II الوسائل والآليات المساهمة في التوسع الإمبريالي
1- دور الوسائل غير الرسمية في التمهيد للتوسع الإمبريالي:
تعددت الوسائل غير الرسمية الممهدة للتوسع الامبريالي منها:
· الرحلات الاستكشافية: نظم الأوربيون
في أواخر القرن 19م رحلات استكشافية إلى المناطق الداخلية في إفريقيا وآسيا عبر
الأنهار الرئيسية، وذلك لاستكشاف الثروات التي تزخر بها تلك المناطق.
· الحملات التبشيرية: (وسائل دينية) تتمثل في سعي الدول الأوربية إلى نشر المسيحية في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وتشجيع
الهجرة إليها كوسيلة لتسهيل الغزو العسكري والسيطرة السياسية والاستغلال الاقتصادي.
· الشركات التجارية: (وسائل اقتصادية) لعبت الشركات
التجارية الكبرى دورا كبيرا في السيطرة الاقتصادية على المستعمرات، عن طريق تسخير
قوتها للتوسع الإمبريالي، واستغلال السكان المحليين. كما قامت بجلب المواد الأولية
وتصدير المنتجات الصناعية.
2- بعض الآليات
التي استعملتها الدول الأوربية في التوسع الإمبريالي
من بين الآليات التي استعملتها الدول الأوربية
نذكر:
- عقد المعاهدات:
وقعت الدول الأوربية معاهدات الحماية والصداقة مع بعض زعماء القبائل
بإفريقيا، من خلالها حصلت هذه الدول على امتيازات من بينها حرية المبادلات التجارية.
- شن الحروب: شنت الدول الأوربية حروبا شرسة ضد البلدان
الإفريقية والآسيوية، وقامت بحملات تأديبية وبتوسيع مستعمراتها على حساب المستعمرات.
- نظام الحكم غير المباشر: (آلية إدارية) عن طريق إدماج الأهالي في الإدارة الاستعمارية وتسخيرهم في إدارة بلدانهم
لصاح البلدان الاستعمارية. كما قامت الإدارة الاستعمارية على ازدواجية
الإدارة بين إدارة أجنبية استعمارية ذات سلطة فعلية وإدارة وطنية ذات سلطة
شكلية.
3- بعض الوسائل
المساعدة على التوسع الإمبريالي
تتجلى الوسائل المساعدة على التوسع الامبريالي
في:
- القروض: عملت البلدان الاوربية على إغراق بلدان إفريقيا وآسيا بالقروض، واتخذت ذلك وسيلة للحصول على المزيد من الامتيازات ولغزو هذه البلدان.
- الصحافة: وظفت الدول الإمبريالية الصحافة التي تحالفت مع الرأسماليين، عن طريق اذكاء روح الحماسة الوطنية لكل توسع جديد خدمة أهدافها التوسعية.
III- دوافع و
مبررات الإمبريالية
1- الدوافع
الاقتصادية والاجتماعية للإمبريالية:
- الدوافع الاقتصادية: وتتمثل في رغبة الدول الأوربية الرأسمالية في تصدير فائض الإنتاج الصناعي وفائض الرساميل، وجلب المواد الأولية. لتجنب سياسة الحمائية والقيود المفروضة على الأسواق الأوربية.
- الدوافع
الاجتماعية:
تتمثل في تراكم المشاكل
الاجتماعية داخل البلدان الأوربية (البطالة، الفقر والأمية...). الشيء الذي جعلها
تشجع فقراءها على الهجرة إلى المستعمرات للحد من الاضطرابات الداخلية.
2- الدوافع السياسية للإمبريالية
تبنت الدول الأوربية الامبريالية سياسة توسعية
للحفاظ على قوتها ومكانتها. فلكل دولة دوافع خاصة بها، فمثلا بريطانيا أرادت أن
تعزز مكانتها العالمية، في حين ترغب فرنسا في تعويض خسارتها الأوربية إثر هزيمتها
أمام بروسيا سنة 1870م، بينما تطلعت ألمانيا وايطاليا إلى الحصول على المستعمرات
بعد تحقيقهما لوحدتيهما.
3-المبررات التي اعتمدت عليها الدول الامبريالية لإضفاء المشروعية على التوسع الإمبريالي
اعتمدت الدول الامبريالية مجموعة من المبررات لإضفاء
المشروعية على توسعها الاستعماري منها:
- نشر أفكار وقيم جديدة، مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان...
- إدخال التقنيات الحديثة المرتبطة بالثورة الصناعية، ومساعدة الشعوب الأخرى على التخلص من التخلف.
- اعتبار العرق
الأوربي هو أرقي الأجناس البشرية، وبالتالي من حقه أن يبسط نفوذه وينشر
حضارته.
-IV بعض نتائج
ظاهرة الإمبريالية
1- تعرف مجال الإمبراطوريات الاستعمارية الناتجة عن التوسع الإمبريالي
أدت الامبريالية إلى ظهور إمبراطوريات
استعمارية بفعل تزايدت مساحة مستعمرات الدول الكبرى، وشكلت بريطانيا أكبر
إمبراطورية استعمارية في العالم التي تمركزت مستعمراتها في شرق وجنوب افريقيا
والهند، ونافستها في ذلك فرنسا التي تمركزت مستعمراتها في إفريقيا الغربية
والشمالية والهند الصينية، في المقابل ظهرت قوى استعمارية جديدة مثل ألمانيا
وايطاليا وبلجيكا وهولندا، فيما تراجعت كل من اسبانيا والبرتغال.
2- أثر الإمبريالية على المجتمع والديمقراطية
أثرت
الامبريالية سلبا على الديموقراطية، حيث تعاظمت سلطة الحكام والحكومات، على حساب
التعددية الحزبية، وفرضت إجماعا وطنيا بالنسبة للسياسة الخارجية التوسعية، ودعت
إلى نبذ الانقسامات الحزبية.
أما على المستوى
الاجتماعي، فان الامبريالية أثرت سلبا على الإصلاح الاجتماعي، ويظهر ذلك من خلال
استحواذ الامبريالية على الموال والميزانيات المخصصة للإصلاحات الاجتماعية.
3- انعكاسات الإمبريالية على الدولة وعلى العالم
انعكست الامبريالية
سلبا على الدول، حيث خلفت خسائر مادية وبشرية كبيرة، وتصاعد المعارضة التي تمثلت
في الأحزاب الاشتراكية والشيوعية، في المقابل ساندت أحزاب اليمين والوسط الحركة
الاستعمارية. وفيما يخص العالم أدت الإمبريالية إلى تزايد التنافس الاستعماري بين
الدول الأوربية، وبالتالي الدخول في سلسلة من الحروب والصراعات الدموية.
خاتمة
أدت ظاهرة الامبريالية إلى اشتداد التنافس الامبريالي لامتلاك المستعمرات،
وترتب عنها تكوين إمبراطوريات استعمارية، أدت لحدوث أزمات وصراعات دولية، وفي نفس
الوقت الشروع في الاستغلال الاستعماري. فما هي مظاهر هذا الاستغلال على القارة
الإفريقية كأنموذج؟