الدرس 4: الاختيارات الكبرى لسياسة إعداد التراب الوطني
تمهيد إشكالي:
مازال
المغرب يواجه تباينات مجالية كثيرة، هذا ما دفع الدولة المغربية إلى تبنى تصورا جديدا
لإعداد التراب الوطني، حيث أطلقت في سنة 2000 الحوار الوطني لإعداد التراب الوطني،
الذي توجد بصياغة الميثاق الوطني لإعداد التراب.
·
فما المقصود بإعداد التراب الوطني؟
·
ما أهدافه ومبادئه؟
·
وما هي اختياراته وتوجهاته المجالية الكبرى؟
I-
تعريف سياسة إعداد التراب الوطني وأهدافها
واختياراتها وتوجهاتها المجالية الكبرى
1-
مفهوم سياسة إعداد التراب الوطني وأهدافها
على المستوى العام والوطني
إعداد التراب: يقصد به نشاط أو تدخل إرادي تشاوري لتنظيم
المجال، ونميز فيه بين ثلاثة أشكال:
·
الإعداد الفلاحي: يقصد به العمليات
الكبرى المنسقة من طرف السلطات العمومية (السقي، الحرث وتوفير البذور المنتفات...).
·
التهيئة الصناعية: هي
عملية تستهدف التوزيع الجيد للصناعة وإعادة تكييفها مع السوق.
·
التهيئة الحضرية: عملية
أو سياسية تستهدف التحكم الجيد في التمدين، لمواجهة المشاكل الناجمة عن النمو
الحضري (السكن، تنظيم النقل وحماية البيئة).
تهدف سياسة إعداد التراب الوطني إلى تحقيق عدة أهداف
منها:
·
تحقيق تنمية تحافظ على توازنات المحيط الطبيعي والتماسك
الاجتماعي.
·
تأمين الإنصاف في العملية التنموية بين الجنسين وبين
المدن والقرى...
·
تفعيل أشكال التضامن بين المناطق وداخلها.
·
تنظيم المجال الوطني والتخفيف من التفاوتات.
وقد واجهت
سياسة اعداد التراب الوطني عدة تحديات منها:
التحدي الديموغرافي: يواجه المغرب
تحديات ديموغرافية تتمثل في:
-
النمو الديموغرافي
السريع.
-
هيمنة الفئة
العمرية النشيطة وارتفاع البطالة.
-
التهميش والإقصاء
الاجتماعي.
-
التباينات السوسيو-
مجالية وتزايد الهجرة القروية.
التحدي الاقتصادي: تتمثل التحديات
الاقتصادية في:
-
ضعف التقنيات
والأساليب والطاقة الإنتاجية.
-
ضعف وتيرة النمو
الاقتصادي وإغفاله للمرودية والإنتاجية.
-
تحديات المنافسة.
-
انتهاج اقتصاد
السوق.
التحدي البيئي: ويتمثل في:
-
الاستغلال المفرط
للثروات الطبيعية.
-
التدهور البيئي
(التصحر، التعرية، التلوث ...).
-
تزايد حدة
التقلبات المناخية (الجفاف).
-
تفاقم الخصاص المائي...
2-
المبادئ الموجهة لسياسة إعداد التراب
الوطني
تستند سياسة اعداد
التراب الوطني إلى مجموعة من المبادئ أهمها:
-
مبدأ تدعيم الوحدة الترابية أي السعي لاستكمال الوحدة
الترابية.
-
مبدأ التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذلك بتحديد
حاجيات السكان الاقتصادية والاجتماعية، والتوفيق بين الاختيارات العمومية
والفردية.
-
مبدأ المحافظة على البيئة، وذلك بالحفاظ على الموارد
وتوعية المواطنين بأهمية المحيط الطبيعي، ووضع إطار قانوني يضمن حماية البيئة.
-
مبدأ إشراك السكان في التسيير، وذلك بإشراكهم واستشارتهم
في المشاريع التي تخصهم والحرص على تكافؤ الفرص، وتطوير أساليب التدبير.
3-
الاختيارات والتوجهات المجالية الكبرى
لسياسية إعداد التراب الوطني
أ.
الاختيارات الكبرى لسياسة إعداد التراب الوطني:
تأهيل الاقتصاد
الوطني |
تدبير
الموارد الطبيعية |
السياسة الحضرية |
تأهيل الموارد
البشرية |
o تحسين محيط
الاستثمار وذلك بإحداث البنيات التحتية وتحديث الإدارة. o البحث عن مرتكزات
جديدة للتنمية عن طريق تنويع الأنشطة في الوسط الريفي والعناية بالصناعة
التقليدية وإنعاش التكنولوجيا الجديدة. o تنمية العالم
القروي. |
o التعامل بحكمة مع
الموارد القابلة للتجديد. o الاستغلال
المعقلن للموارد النافذة (التربة، المعادن والغابات الموروثة..). o تدبير الموارد
المائية. o حماية التراث
الغابوي (تحسين القوانين، تحديد حقوق الانتفاع..) o حل إشكالية العقار في الأرياف والحواضر (إصلاح
الهياكل العقارية). o تشجيع الاستثمار
في أراضي الجموع. o حماية التراث
الثقافي في مختلف جوانبه المادية والمعنوية. |
o تنمية الأساس
الاقتصادي للمدن وذلك عن طريق دعم القطاع التقليدي... o اعتماد التنمية
الاجتماعية كهدف وكأداة للتنمية الحضرية (محاربة الامية، التكوين المهني وتحسين
الخدمات...). o تفعيل القوانين
الخاصة بالعمران والتعمير... |
o محاربة الأمية. o منع تشغيل الأطفال. o إصلاح مناهج التعليم. o تكوين الفلاحين
والحرفيين. o تشجيع البحت
العلمي. o تحقيق التوازن
الجغرافي لمؤسسات التعليم العالي. |
ب. التوجهات المجالية الكبرى لسياسة إعداد التراب الوطني
ركزت سياسة إعداد
التراب الوطني على مجموعة من التوجهات المجالية منها:
ü
المناطق الجبلية: من رهاناتها الأساسية المحافظة
على الموارد (الماء، التربة، الغابات...) والتضامن المجالي.
ü
المناطق الصحراوية وشبه الصحراوية: تطرح رهان الاندماج الجهوي وتدبير المجالات الهشة.
ü
الساحل: يطرح رهان الانفتاح وتدبير الموارد.
ü
المدارات المسقية: تطرح رهان تحقيق الأمن الغذائي
وتحديات الانفتاح (المنافسة).
ü
الاقاليم الشمالية: تطرح رهان تدعيم البعد
الأورومتوسطي وتحديات المناطق الحدودية.
ü
مناطق البور: تطرح رهانات تحقيق
النجاعة الاقتصادية والتوازنات المالية.
ü
الشبكة الحضرية: تطرح رهانات تأهيل
المجال والاستثمار والموارد.
·
تحديث التدبير (الدار البيضاء والرباط – سلا).
·
تأهيل الأقطاب الجهوية لدعم اللامركزية.
· تأهيل المدن المتوسطة والصغيرة من أجل التأطير المحلي.
II- دور سياسة إعداد التراب الوطني في تهيئة
المجال الحضري والريفي وتحقيق التنمية والعوامل المفسرة لاختياراتها
1- بعض
وثائق التعمير ودورها في التهيئة الحضرية والريفية
تتحكم سياسة إعداد التراب الوطني في المجال الحضري والريفي من خلال وثائق
التعمير منها:
v
التصميم
المديري للتهيئة والتمدين: هو وثيقة تحدد التوجهات العامة للتوسع الحضري على
المدى البعيد (أكثر من 25 سنة).
v
تصميم التنطيق: هو تصميم يحدد تخصصات أحياء المدينة (أحياء سكنية،
صناعية، إدارية، تجارية وخدماتية).
v
تصميم التهيئة: وثيقة تبين بدقة استعمال الأراضي في المدن والمراكز
القروية المجاورة لها، فتحدد الشوارع، الأزقة، الساحات وعدد الطوابق...
v
تصميم التنظيم الوظيفي والإعدادي: هو وثيقة توجيهية وتأطيرية، تعتبر كإطار لإنجاز مخططات
التعمير وتحديد التوجهات العامة، وتعكس التوافق بين الدولة والمدينة.
v مخطط التهيئة الجماعية: تصميم يستهدف التحكم في المجال، كما يعتبر أداة لعقلنة وتنسيق السياسات في المجال الريفي.
2- دور
سياسة اعداد التراب في تهيئة المجال (الريفي والحضري) وتحقيق التنمية
أ- على المستوى الحضري
مكنت سياسة اعداد
التراب الوطني من انجاز مشاريع سكنية كبرى للحد من السكن العشوائي (سياسة المدن
الجديدة)، وتوفير التجهيزات والخدمات الأساسية وتأهيل البنية التحتية .
ب- على المستوى القروي
مكنت سياسة اعداد التراب الوطني من الاهتمام
بالسقي بنوعيه السقي الكبير المعتمد على السدود، والسقي المتوسط والصغير المعتمد على
الآبار والينابيع والسواقي، كما تم ربط الكثير من الدواوير بالجماعات القريبة منها
عن طريق الشبكة الطرقية.
3- العوامل
المفسرة للاختيارات اعداد التراب الوطني
أ.
دور العوامل الاقتصادية
يتمثل في الرغبة في تحسين او الرفع من وضعية الاقتصاد المغربي
بمختلف قطاعاته الفلاحية، الصناعية، التجارية والخدماتية، لتحسين الدخل الوطني
الاجمالي والرفع من مستوى النمو الاقتصادي.
ب. العوامل الاجتماعية
تتمثل في الرغبة في تأهيل الموارد البشرية وتحسين مستوى
تنميتها، وذلك بالرفع من مستوى الدخل الفردي والمستوى التعليمي وأمد الحياة. بالإضافة
إلى التخفيف من الفوارق الاجتماعية...
ج- العوامل المجالية
تتمثل في الرغبة في تجاوز أو على الأقل التخفيف
من التباينات المجالية بين مختلف المناطق المغربية.
خاتمة
رغم أهمية سياسة إعداد التراب الوطني إلا أن الكثير من المشاكل ومظاهر
التفاوتات مازالت مستمرة داخل المجال الوطني، ولعل تجلياتها تطهر من خلال أزمة
المدينة والريف بالمغرب.