التحميل من هنا
الوحدة 5- العالم العربي:مشكل الماء وظاهرة التصحر
تمهيد إشكالي:
يمتد العالم العربي فوق مجال
جغرافي واسع من المحيط الأطلنتي غربا إلى الخليج العربي شرقا، يضم 22 دولة، ويعاني
أساسا من مشكلتي الماء وظاهرة التصحر؟
-
فما مظاهر مشكل الماء وظاهرة
التصحر بالعالم العربي؟
-
ما العوامل المفسرة لها؟
-
وما المجهودات المبذولة للتخفيف من
حدتها؟
I- وصف مظاهر
مشكلة الماء وظاهرة التصحر في العالم العربي وتفسيرها:
1- تتعدد
مظاهر مشكل الماء في العالم العربي:
يتميز العالم العربي بضعف الموارد المائية
المتاحة، وهي غير كافية لسد حاجيات السكان والأنشطة الاقتصادية، حيث يصل مجموعة
الموارد المائية العربية إلى حوالي 303.6 مليار m3 مقارنة مع
عدد السكان المتزايد بشكل مستمر.
تتباين مساهمة البلدان العربية في الموارد
المائية بالعالم العربي، حيث يحتل الإقليم الأوسط ( مصر، السودان، والصومال)
المرتبة الأولى ب 37.6%، يليه في المرتبة الثانية إقاليم الهلال الخصيب ( سوريا والعراق )
بـ 35.5%، فإقليم المغرب العربي بـ 21.3% واخيرا اقليم الجزيرة العربية 5.5% .
2- وصف خطورة
مشكل الماء في العالم العربي:
عرفت البلدان العربية نموا سريعا في عدد
سكانها، وفي المقابل يسجل نصيب الفرد من الماء تراجعا سريعا، حيث كان نصيب الفرد
من الماء يبلغ في سنة 1993 850m3، وتراجع إلى
585 m3 للفرد في سنة 2000، ويتوقع أن يستمر إنخفاض هذا النصيف لتصبح
البلدان العربية في وضعية الفقر المائي.
وتكمن خطورة مشكل الماء في ظهور صراعات
بين الدول حول الموارد المائية، كالصراع بين تركيا وسوريا والعراق حول مياه شط
العرب، والصراع بين سوريا والعراق وتركيا حول مياه نهري دجلة والفرات والصراع بين
ايران والعراق حول مياه شط العرب والصراع بين مصر والسودان وإثيوبيا حول مياه نهر
النيل، ثم الصراع بين موريتانيا والسنغال حول مياه نهر السينغال، والصراع بين
الأردن وإسرائيل حول مياه نهر الأردن، والصراع بين ليبيا والسودان حول مياه الفرشة الصحراوية.
3- وصف مظاهر
التصحر في العالم العربي:
يتميز العالم العربي بتفشي ظاهرة التصحر،
حيث تقدر المساحات المتصحرة بحوالي 9.7 مليونkm2، أي أكثر من
نصف المساحة الإجمالية للدول العربية، وتوجد دول يمكن أن نقول عنها أنها تواجه
تصحر طفيف ( الهلال الخصيب )، وأخرى تعاني من تصحر متوسط ( حوض النيل )، ودول
تواجه تصحر شديد ( الجزيرة العربية )، وأخرى تعاني من تصحر جد شديد ( المغرب
العربي ) . كما أن المساحة المهددة بالتصحر في تزايد مستمر حيث تنضاف كل سنة مساحة
جديدة .
4- وصف خطورة
ظاهرة التصحر:
تكمن خطورة مشكل
التصحر في العالم العربي في تراجع المساحات المزروعة ومساحة المراعي، وبالتالي
تراجع انتاجية الأرض، الشيء الذي يجعل الإنتاج المحلي لا يكفي لسد حاجيات
المواطنين، فترتفع أسعار المواد الغذائية في السوق، وتلجأ بعض البلدان إلى
الاستيراد من الخارج لتغطية العجز الغذائي وضمان أمنها الغذائي، وهذا يعني دفع ثمن
مستورداتها من الغداء على حساب مشاريعها التنموية.
II- العوامل المفسرة لمشكل الماء وظاهرة التصحر بالعالم
العربي:
1-
العوامل المفسرة لمشكل الماء
بالعالم العربي:
يفسر مشكل الماء في العالم العربي
بمجموعة من العوامل الطبيعية والبشرية منها:
·
بالنسبة للعوامل الطبيعية:
تتمثل أساسا في الظروف المناخية السائدة بالعالم العربي،
حيث يهيمن المناخ الصحراوي الجاف على جزء هامة من مساحة العالم العربي، حيث يقل
متوسط التساقطات عن 260ملمتر في السنة، وهيمنت الصحاري على معظم الأراضي العربية، وبالتالي ندرة
التساقطات وشح الأمطار...
·
بالنسبة للعوامل البشرية :
تتمثل في الاستغلال المفرط من قبل الإنسان وإدخال
أنشطة زراعية ( البطيخ الاحمر ) وسياحية غير ملائمة لبيئات المناطق الجافة وشبه
الجافة.
ثم أن معظم الأنهار العربية ذات
طبيعة دولية مشتركة بين عدة دول ( النيل، دجلة والفرات ) الشيء الذي يؤدي إلى
إندلاع الصراعات.
وأخيرا
تلوث المياه بالمواد الكيماوية المختلفة الناتجة عن الصناعة...
2-
العوامل المفسرة لظاهرة التصحر
بالعالم العربي:
·
العوامل الطبيعية :
تتمثل في التقلبات المناخية سوء المرتبطة بالأزمنة الجيولوجية القديمة أو
التقلبات المناخية الحالية، حيث نعيش اليوم توالي سنوات الجفاف وإرتفاع درجة
الحرارة ونذرة الأمطار.
·
العوامل البشرية:
- تكمن في الاستخدام السيئ للأرض عن طريق زراعة كثيفة، واستغلال الأراضي
لإقامة منشأت اقتصادية وسكنية مختلفة.
- الاستخدام السيء للغطاء النباتي عن طريق الرعي الجائر واقتلاع الأشجار
وحرائق الغابات...
- الاستخدام السيء للموارد المائية عن طريق إنشاء المشاريع السقوية دون شبكات
الصرف الفعالة.
- غياب الصيانة لشبكة الصرف والإفراط في مياه الري. بالاضافة الى الضخ المفرط
للموارد المائية الباطنية واستخدام أساليب سيئة في السقي.
III-
المجهودات المبذولة لمواجهة
مشكل الماء ومكافحة التصحر بالعالم العربي:
1-
المجهودات المبذولة لاستثمار
المياه الجوفية: مثال ليبيا
قامت ليبيا ببذل
مجهودات لاستغلال مياه الفرشات الباطنية بواحات الجنوب ( واحة الكفرة وواحة فزان )
ونقلها عبر أنابيب نحو الشمال، لتغذية المدن الساحلية كـ بن غازي وطرابلس وسرت. كل
هذه المجهودات تمت في إطار مشروع النهر الصناعي العظيم. وتهدف ليبيا من هذا
الاستغلال إلى تخفيف استغلال مياه الفرشات الباطنية في الشمال، وزيادة المساحات
المزروعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، وخلق صناعات خفيفة ومتوسطة وثقيلة...
2-
الجهود المبذولة للاستفادة من
الموارد المائية غير التقليدية : مثال دول الخليج العربي
من بين الأساليب التي لجأت إليها
دول الخليج لمواجهة مشكل الماء نذكر:
ü
اللجوء إلى تقنية تحلية مياه
البحر، حيث تعتبر دول الخليج الأولى عالميا من حيث استخدام هذه التقنية بحوالي 52% من الإنتاج
العالمي. وتعتبر المملكة العربية السعودية أكثر دول الخليج لجوءا إلى هذه التقنية،
تليها الإمارات فالكويت...
3-
الجهود المبذولة للاستفادة من
المياه السطحية: نموذج المغرب
لجأ المغرب إلى
استثمار موارده السطحية من خلال تبنيه لسياسة السدود، حيث إستطاع إن يبني عدد كبير
من السدود (الصغيرة والمتوسطة والكبيرة) ذات سعات مختلفة. وتخصص المياه المخزنة
أساسا للشرب والسقي وإنتاج الكهرباء والانشطة الاقتصادية المختلفة... وقد أبانت
هذه السياسة عن فعاليتها، حيث مكنت المغرب من تفادي الانعكاسات السلبية لظاهرة
الجفاف والتخفيف من حدتها.
4-
الجهود المبذولة لمكافحة ظاهرة
التصحر
لجأت البلدان العربية إلى عدة
إجراءات لمكافحة ظاهرة التصحر وذلك بالتركيز على المجالات التالية:
في مجال الغابات:
اهتمت البلدان العربية بمحاربة
القطع العشوائي للغابات، وتشجيع عملية التشجير، والاهتمام بغرس الأنواع المهمة من
الأشجار. بالإضافة إلى إطلاق حملات التوعية والتحسيس بأهمية الحفاظ على الغابة،
والاهتمام بالتشريعات القانونية الخاصة بالغابات، وانشاء المحميات الطبيعية وتسييج
الغابات.
في مجال التربة:
اهتمت البلدان
العربية بحماية التربة من التعرية عن طريق بناء المدرجات وتنمية الغطاء النباتي،
وتحسين جودة التربة وقدرتها على تخزين الماء، ومحاربة تملح التربة بواسطة
الاستخدام العقلاني لمياه الري، وتوظيف التقنيات الحديثة في السقي، إلى جانب
مكافحة تلوث التربة وتثبيت الكثبان الرملية بالطرق الميكانيكية وأحيانا الطرق
الكيماوية.
على مستوى الموارد المائية:
تم الاهتمام بحماية
المياه من التلوث، وترشيح المياه الجوفية والسطحية وذلك بإنشاء سدود لتخزين
المياه، وانجاز مصدات الرياح والأحزمة الشجرية لتثبيت التربة. بالإضافة إلى البحث
عن المياه غير التقليدية واستخدام مياه الصرف الصحي بإنشاء محطات المعالجة
والتنقية. دون أن ننسى الاهتمام بالتوعية والتحسيس بأهمية الحفاظ على الموارد
المائية.
في مجال المراعي:
تم الاهتمام بحماية المراعي
الطبيعية من الرعي الجائر، واستصلاح المراعي عن طريق التشجير، وغرس الأصناف
الملحية الملائمة للبيئة بالمناطق الصحراوية. بالإضافة إلى التوعية والتحسيس
بالأضرار التي يسببها الرعي الجائر للحفاظ على المراعي من التدهور، ووقف الزخف
العمراني على حساب الأراضي الزراعية.
خاتمة:
بذلت البلدان العربية مجهودات جبارة لمعالجة مشكل
الماء وظاهرة التصحر. لكن المعظلتين ما زالتا تطرحان مجموعة من التحديات وتهدد
مستقبل الدول العربية.