الاتحاد الاوروبي : نحو اندماج شامل

الاتحاد الأوروبي : نحو اندماج شامل  

تمهيد اشكالي :

الاتحاد الاوربي تكتل من الدول الاوروبية الديمقراطية التي قررت العمل كمجموعة وقوة اقتصادية جهوية.

تكون هذا الاتحاد عبر مراحل الإ انه يواجه عدة صعوبات تهدده بالزوال .

-       ما مراحل تكون الإتحاد الأوروبي وأهدافه الأساسية؟

-       ما مظاهر الاندماج بين دول الاتحاد الاوربي والعوامل المفسرة لها؟
 وما المشاكل والتحديات التي تواجه الاندماج الأوربي ؟

I  - مراحل تكون الاتحاد الاوربي ومظاهر اندماجه .

1-  مراحل تكون الاتحاد الاوروبي :

مر تكوين الإتحاد الأوربي بمرحلتين كبيرتين:
أ- مرحلة المجموعة الاوربية المشتركة: تميزت هذه المرحلة بتأسيس

· المجموعة الأوربية للفحم والفولاد، تأسست سنة 1951 على يد  دول وهي فرنسا، ألمانيا الغربية، لوكسومبورغ، بلجيكا وهولندا، بهدف تسهيل انتاج وتبادل الفحم والفولاذ بينها.

· منظمة الأوراطوم تأسست سنة 1957 من طرف الدول الست، للتعاون بينها في  استعمال الطاقة النووية في مجال الكهرباء .

· المجموعة الاقتصادية الأوربية تأسست في 25 مارس 1957 من طرف الدول الست بموجب معاهدة روما، التي تهدف إلى إلغاء الرسوم الحمروكية، ووضع سياسة مشتركة في الفلاحة والنقل وإقرار حرية مرور الأشخاص والخدمات ورؤوس الأموال.

خلال السبعينيات

    تم وضع نظام نقذي أوربي يقضي باحترام مجال تعويم العملة لتفادي الأزمات المالية، وإنتخاب برلمان أوربي موحد. وعانت دول المجموعة من أزمتي الدولار سنة 1971 والبترول سنة 1973. وانضمت للمجموعة ثلاث دول هي بريطانيا وايرلندا والدنمارك في فاتح يناير 1973 .
    في الثمانينيات
 تميزت بإحداث نظام الحصص لإنتاج الصلب، وإحداث جواز سفر أروبي موحد  ( بموجب اتفاقية شنغن سنة 1985 م ) ووضع سياسة موحدة في مجال الصيد البحري. انضمت إلى المجموعة دولة اليونان في فاتح يناير 1981. وتم التوقيع في فبراير 1986 م على اتفاقية الفصل الوحيد بهدف إنشاء سوق أوربية موحدة. كما انضمت إلى المجموعة كل من البرتغال وإسبانيا في فاتح يناير 1986 م، وفي سنة 1990 انضم الشطر الشرقي لألمانيا إلى المجموعة الأوربية.
ب- مرحلة الإتحاد الأوربي: من 1992 إلى الآن

     تميزت هذه المرحلة بتوقيع دولة المجموعة الاوربية على معاهدة ماستريخت سنة 1992، التي أقرت الإتحاد الاقتصادي و المالي ، و توحيد السياسة الأمنية و السياسة الخارجية لدول الإتحاد الأوربي وطرح مشروع توحيد العملة، وغيرت اسم المجموعة الأوربية إلى الإتحاد الأوربي.

كما تميزت هذه المرحلة بتوسع كبير للإتحاد الأوربي، حيث انضمت الى دول الإتحاد كل من السويد وفلندا والنمسا في فاتح يناير 1995م، وانضمام عشر دول دفعة واحدة سنة 2004 وهي: استونيا، ليتونيا، لتوانيا، بولونيا، جمهورية التشيك، سلوفاكيا، هنغاريا، سلوفينيا، مالطا، جزيرة قبرص. وفي فاتح يناير 2007 انضمت كل من بلغاريا ورومانيا ليصبح عدد الدول الأعضاء 27 دولة. وانضمت كرواتيا للاتحاد منذ 2013 ليصبح عدد الدول الأعضاء 28 دولة. 

2-  مظاهر اندماج الاتحاد الاوربي :

   من مظاهر الإندماج الأوربي:

·    الإندماج الفلاحي: يتجلى في

    وضع سياسة فلاحية مشتركة بهدف الرفع من الإنتاجية، وتحسين مستوى عيش الفلاح الأوربي مع ضمان الأمن الغذائي الأوربي.

الإندماج الصناعي:

يعتبر التعاون بين دول الإتحاد في مجال الصناعة الفضائية، من خلال الوكالة الأوربية للفضاء "أريان"، والتعاون بين دول الإتحاد في مجال صناعة طائرات الايرباس خير نماذج للاندماج والوحدة الأوربية.

·    الإندماج التجاري:

     قامت البلدان الأوربية بإحداث سوق أوربية مشتركة وموحدة، يتم فيها إلغاء الحواجز الجمركية أمام تبادل السلع والخدمات، والتنسيق في مجال المبادلات التجارية مع الخارج.

·       الإندماج المالي :

عملت الدول الأوربية على توحيد السياسة المالية من خلال الإعتماد على العملة الموحدة "الأورو" والسماح بحرية تنقل الأموال بين دول الإتحاد.

II - العوامل المفسرة للاندماج بين دول الاتحاد الاوربي 

1-  دور العوامل الطبيعية والبشرية :

أ‌-     العوامل الطبيعية :

     دور التضاريس والمناخ: تتمتع أوربا بعوامل طبيعية جد ملائمة، حيث تمتلك سهول كبرى كالسهل الأوربي الكبير وأحواض رسوبية (حوض باريس)، بالإضافة إلى تنوع المناخ وأهمية التساقطات المطرية وكثافة الشبكة المائية، الشيء الذي يساهم في توسيع المساحات المزروعة .

الموارد الباطنية:

     تلجأ أوربا إلى استيراد جل حاجياتها المعدنية والطاقية من الخارج .  

ب -     العوامل البشرية:

     يتوفر الإتحاد الأروبي على سوق استهلاكية مهمة ( حوالي 513 مليون نسمة سنة 2018)، ذات قدرة شرائية مرتفعة (متوسط الدخل الفردي23800 دولار)، ويد عاملة مؤهلة تمثل فيها نسبة الساكنة النشيطة %60 ونسبة المتمدرسين تصل إلى %98.

2-  دور العامل التنظيمي والتقني في الاندماج بين دول الاتحاد الاوربي:

    تتبنى دول الاتحاد الأوربي تنظيم رأسمالي فعال، مبني على الحرية وظاهرة الاحتكار والتركيز الرأسمالي والتطور التكنولوجي الكبير. بالإضافة إلى استناد الاتحاد على أجهزة ومؤسسات جد منظمة ذات قوة قانونية، تتخذ فيها القرارات بالإجماع، وهي ذات قوة قانونية ملزمة  لجميع الدول الأعضاء من أمثلة هذه المؤسسات المجلس الأوربي، مجلس الوزراء، البرلمان الأوربي، اللجنة الأوربية، محكمة العدل، البنك المركزي الأوربي.

      أما العوامل التقنية فتتجلى في الاعتماد المكثف على التقنيات الحديثة (المكننة) في الانتاج واستفادت الفلاحة من دعم الاتحاد الأوربي، الشيء الذي يزيد من المردودية. كما أن دول الاتحاد تمتلك شبكة متنوعة ومتطورة لوسائل المواصلات والإتصالات (الطرق المعبد، الطرق السيارة، السكك الحديدية، المطارات والموانئ الدولية...)

III- حصيلة الاندماج بين دول الاتحاد والتحديات التي تواجهها:

1- حصيلة الاندماج الأوربي:

خلف الاندماج الأوربي نتائج ايجابية في مجموعة من المجالات:

vعلى مستوى الانتاج الصناعي:

      يتوفر الاتحاد الاوربي على انتاج صناعي مهم ومتنوع، حيث يساهم بحصة كبيرة من الانتاج العالمي في عدة صناعات: كالصناعات الكيماوية والصلب والألمنيوم والصناعة الميكانيكية (الآلات والسيارات انتاج 12 مليون سيارة) والصناعات العالية التكنولوجيا كالصناعة  الفضائية (صاروخ اريان) وصناعة الطائرات (الايرباس)

vعلى مستوى الانتاج الفلاحي:

     تمكن الاتحاد الاوربي من احتلال المرتبة الثانية عالميا في الفلاحة، حيث تساهم فلاحته بنسبة هامة من الانتاج العالمي( الحبوب، الشمندر السكري الخضر، الكروم، اللحوم والألبان...).

vعلى مستوى المبادلات التجارية:

     يساهم الاتحاد الاوربي ب%17 من المبادلات التجارية العالمية. تبلغ قيمة صادراته 2213,6 مليار دولار والواردات 2037,6 مليار دولار، ويتعامل تجاريا مع جميع دول العالم،  حيث تربطه ببعض دول العالم اتفاقيات الشراكة.

2- المشاكل والتحديات التي تعترض الاتحاد الاوربي:

تعاني دول الاتحاد الاوربي من مجموعة من المشاكل منها:

- المشاكل الاقتصادية:

      تتجلى في ارتفاع أسعار المنتجات الفلاحية وبالتالي يعتبر  دعم الاسعار مكلف لميزانية الاتحاد، واختلاف أهمية الفلاحة بين دول الاتحاد الأوربي.

- المنافسة الخارجية القوية :

o    في المجال الصناعي (خصوصا في صناعة السيارات وصناعة الطائرات والادوية...).

o    تأخر في مجال صناعة المعلوميات.

o    رفض العديد من الدول الأعضاء التعامل بالعملة الموجدة الأورو(الدانمارك، انجلترا...).

- التباينات الاقتصاديات بين دول اوربا الغربية القوية اقتصاديا والمرتفعة الدخل ودول اروبا الشرقية الضعيفة النمو الاقتصادي والضعيفة الدخل.

- خضوع الاتحاد الأوربي لتقلبات أسعار البترول في الأسواق العالمية.

vالمشاكل الطبيعية والبيئية:

     تعاني دول الاتحاد الاوربي من مشكل الفيضانات والعواصف الثلجية واحيانا موجات الحر الشديد.

- تلوث البيئة (ثلوت الهواء والماء والتربة...)بفعل الاستخدام المكثف للأسمدة والمبيدات وكثافة التصنيع.

- مشكل الأمطار الحمضية

- مشكل تعرية التربة وانجرافها.

vالمشاكل الاجتماعية:

         - تتجلى في ارتفاع الكثافة السكانية وشيخوخة المجتمع وتراجع نسبة التزايد الطبيعي وانخفاض معدل الخصوبة.   

-  تزايد أعداد العاطلين خصوصا في دول أوربا الجنوبية (اسبانيا، البرتغال، اليونان وايطاليا...)

- مشكل الهجرة السرية وتدفق المهاجرين السريين او غير النظامين.

-   تزايد معدلات العنصرية ضد المسلمين.

-   خظر التهديدات الارهابية والهجمات.
3- الآفاق المستقبلية للاتحاد الاوربي:
يتوقع -مستقبلا- أن يزداد عدد الدول الاعضاء ليبلغ 30 عضوا، حيث تقدم بعض البلدان- كتركيا- بطلب الانضمام الى الاتحاد، وتم توقيع اتفاقيات شراكة مع دول اخرى ( البانيا، مقدونيا، الجبل الاسود...). لكن النزاعات والخلافات التي بدأت تظهر بين دول الاتحاد، خصوصا مع انسحاب بريطانيا وتهديد فرنسا بالانسحاب كذلك. ستجعل مستقبل الاتحاد غامضا ومفتوحا على جميع الاحتمالات.

الخاتمة:

     يمثل الاتحاد الاوربي تجربة هامة للاندماج الشامل بين دوله،  حيث استطاعت دوله بناء قوة اقتصادية كبرى لكن المشاكل التي تواجهه تهدد هذا التكتل بالزوال والتفكك في المستقبل.