ملف: الهند أوجه متعددة للتنمية
تمهيد إشكالي:
تعتبر الهند إحدى القوى الاقتصادية الصاعدة حيث شهدت نموا سريعا في المجالات الفلاحية و الصناعية و التكنولوجية.
تبلغ مساحتها3287590 km2، وعدد سكانها حوالي 1.200مليار نسمة.
تعتمد في تنميتها على أسس متعددة، و رغم ذلك لا تزال تعاني من مظاهر التخلف.
ما هي تجليات النمو الفلاحي و الصناعي و التكنولوجي للهند ؟
ما هي عوامل هذا النمو ؟
ما هي المشاكل التي تواجه الهند ؟
أولا: مظاهر الثورة الزراعية بالهند :
-1 مظاهر نمو الفلاحة الهندية :
عرف الإنتاج الفلاحي خلال العقود الأخيرة تطورا كبيرا جعل الهند من أهم دول العالم المنتجة لعدة مزروعات في طليعتها الحبوب ( خاصة القمح – الأرز – الذرة ) ، و المزرعات الصناعية المدارية( من بينها الشاي – قصب السكر – القطن – البن ) ، و بعض الخضر( كالبطاطس) و الفواكه( كالحوامض) . بالإضافة قطيع ضخم من المواشي ( الأبقار – الأغنام – الخنازير ). وتحتل مراتب متقدمة في إنتاج عدة مواد منها المرتبة 2 عالميا في إنتاج قصب السكر و القمح و الأرز، والثالثة عالميا في إنتاج القطن و البطاطس...
تمكنت الهند من ضمان الأمن الغذائي لثاني أكبر تجمع سكاني في العالم ، و تصدير فائض الإنتاج الفلاحي .
تحتل الفلاحة الهندية المرتبة الرابعة عالميا ، وتشغل حوالي نصف اليد العاملة (47.1 من السكان النشيطين)، و تساهم بأكثر من خمس الناتج الداخلي الخام(% 22.2في الناتج الداخلي الخام) ...
-2 العوامل المفسرة لنمو الفلاحة الهندية :
منذ سنة 1967 ، أقرت الدولة الهندية الثورة الخضراء التي تضمنت إدخال بذور تتميز بمقاومتها للجفاف و التقلبات المناخية و بمردودية عالية ، فضلا عن استخدام الآلات و الأسمدة ، و الاهتمام بمشاريع الري . و قد أدت الثورة الخضراء إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي بالنسبة للحبوب و القطاني ، و تصدير فائض الإنتاج الزراعي ، و تحسن مستوى عيش الفلاحين الهنود خاصة في ولاية البنجاب .
تشكل السهول و الهضاب القسم الأكبر من مساحة الهند : السهل الهندي الغانجي – السهول الساحلية الشرقية و الغربية – هضبة الدكن . في المقابل تنحصر جبال الهملايا في أقصى الشمال عند الحدود الهندية الصينية .
يسود المناخ المداري الموسمي في معظم جهات البلاد ، و بالتالي الرطوبة مرتفعة على العموم . في حين يتمركز المناخ الجاف في الشمال الغربي ( صحراء طهار ).
تتوفر الهند على شبكة من الأنهار الكبرى من بينها : الغانج – الهندوس – كودافيري .
تصل المساحة الصالحة للزراعة إلى % 56.
العامل الرأسمالي: شجعت الدولة الهندية الاستثمار في الميدان الفلاحي،كما شجعت القطاعات الاقتصادية الأخرى-كالصناعة والنقل والتجارة... على الدخول في علاقات رأسمالية وتنموية مع القطاع الفلاحي.
ثانيا: مظاهر الثورة الصناعية الهندية و العوامل المفسرة لها :
1- مظاهر الثورة الصناعية في الهند:
وجود مجمعات صناعية ضخمة،منها كالكوتا ومدراس وبنغالور وامريستار.
نمو الإنتاج الصناعي كصناعة الصلب والاسمنت والسيارات والنسيج-الأثواب...
تطور كمي ونوعي لصناعة الأدوية،وأصبحت تلقى استهلاكا واسعا في أسواق البلدان العالمية وحتى المتطورة منها كالولايات المتحدة والاتحاد الأوربي.
نمو الصناعات العالية التكنولوجيا في المراكز الجنوبية من البلاد،كالصناعة الفضائية،وبرامج الإعلاميات التي صارت تصدر إلى الدول المتقدمة كاليابان والنرويج وأوربا غيرها، بل أصبحت بلدان متعددة تتسابق لاستقطاب الأدمغة الهندية لتطوير هذه الصناعات.
-2 العوامل المفسرة للثورة الصناعية الهندية :
العامل الطبيعي:
تتوفر الهند على ثروة معدنية مهمة تستجيب لحاجيات حركة التصنيع وعلى رأسها الحديد والفوسفاط والنحاس والزنك والبوكسيت...،لكن إنتاجها من مصادر الطاقة يبقى ضعيفا مما يدفعها لاستيراد حاجياتها الطاقية من الأسواق الدولية.
العامل البشري:
تستفيد الهند من العنصر البشري الحاصل على تكوين وتأهيل علمي وتقني جد متقدم.
العامل العلمي:
شيدت الهند معاهد ومختبرات البحث العلمي في عدد من المدن كمدينة بنغالور حيث يوجد معهد الأبحاث الفضائية،ومدينة بومباي حيث توجد مراكز برامج الإعلاميات...
العامل التنظيمي-الاقتصادي:
تواصل الهند تطبيق السياسة الليبرالية المنفتحة على الخبرات والرساميل الأجنبية لتقوية بنية مقاولاتها الوطنية،وفي هذا الصدد قررت إحداث مناطق اقتصادية خاصة مستفيدة من تجارب الصين،حيث ستستقطب في حدود سنة 2009 حوالي 40مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية وتوفر حوالي مليون منصب شخص.
ثالثا: مظاهر ثورة تكنولوجيا الاتصال في الهند و العوامل المفسرة لها:
1- مظاهر ثورة تكنولوجيا الاتصال في الهند:
يسجل قطاع تكنولوجيا الاتصال في الهند نموا سنويا جد مرتفع.
و بالتالي فالهند تحتل مكانة مرموقة في الصناعات الإلكترونية و المعلوماتية و الأقمار الاصطناعية .
تصدر الهند منتجات تكنولوجيا الاتصال إلى مختلف مناطق العالم وفي مقدمتها أمريكا الشمالية، أوربا الغربية، أمريكا اللاتينية، و بلدان جنوب شرق آسيا .
تتمركز الصناعات العالية التكنولوجية في بعض المدن خاصة بنكالور ( تلقب بسليكون فالي الهند ) .
-2 العوامل المفسرة لثورة تكنولوجيا الاتصال بالهند:
أحدثت الهند تغييرا في مسار تنميتها الاقتصادية منذ سنة 1984 معلنة السياسة المعلوماتية الجديدة.
وفي سنة 1999 أسست إدارة تكنولوجيا الإعلام-الاتصال-التي قامت بتشييد مراكز تكنولوجية داخل المناطق الاقتصادية.
تمكنت هذه المراكز من استقطاب المقاولات الأجنبية المهتمة بتكنولوجيا الاتصال، كشركة ا ب مIBM وميكروسوفتMICROSOFT وغيرها،وشجعتها على تنمية الإنتاج والتصدير عن طريق الإعفاء الضريبي لوارداتها التجهيزية ولوجها شبكة الاتصالات-الانترنيت-ذات الصبيب العالي.
كما استفادت هذه المقاولات الأجنبية من انخفاض أجور العمال والمستخدمين، فالمهندس الهندي يتقاضى دخلا يقل بثلاث مرات عن نظيره الفرنسي وبخمس مرات عن مثيله بالولايات المتحدة الأمريكية.
استفادتها من التأهيل الجيد للموارد البشرية المحلية المختصة في تكنولوجيات الاتصال.
انضباط وإتقان عمل المستخدمين وسرعة استجابتهم للطلبات المتعلقة بصناعة البرامج الإعلامية والمعلوماتية.
رابعا: المشاكل و التحديات التي تعترض الاقتصاد الهندي :
1- المشاكل الاقتصادي :
الازدواجية الاقتصادية بين اقتصاد عصري و اقتصادي تقليدي.
التبعية الاقتصادية للدول المتقدمة.
التباين الإقليمي، حيث يبدو الفرق شاسع بين المناطق، و أيضا بين المدن و البوادي.
المنافسة الخارجية...
2- المشاكل الاجتماعية:
انتشار مظاهر البؤس الاجتماعي من بطالة و فقر و تشرد.
شدة الفوارق الاجتماعية بين الأقلية الغنية التي تستولي على وسائل الإنتاج ، و الأغلبية الساحقة التي تعاني من ضعف الدخل الفردي.
استمرار بعض الطقوس الهندوسية المعرقلة للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية منها تحريم ذبح الأبقار و أكل لحومها.
حدوث مواجهات بين الطوائف الدينية خاصة بين الهندوس و المسلمين.
3- الكوارث الطبيعية و البيئية:
الفيضانات في المناطق الساحلية، و الشمال الشرقي.
الجفاف في الشمال الغربي.
التلوث خاصة المائي بفعل مخلفات الصناعة...
خاتمة:
في ظل المشاكل المتعددة ، فإن مجهودات التنمية لم تمكن الهند من الخروج من مجال التخلف الاقتصادي و الاجتماعي.